نفحــــــة يوم الجمعة



۩ نفحــــــة يوم الجمعة ۩
فضيلة الشيخ / على القرنى






عباد الله: ونحن نعيش زمنًا عصيبًا، ووقتا دقيقًا وحرجًا، يتعلق بمصير أمتنا، أقول: إن النجاة في انقيادنا لكتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فلقد كتب الله لهذه الأمة حين تحيد عن كتاب الله أن تتقلب في ثنايا الإهانات، وتتنقل من هزيمة إلى هزيمة، فلنرفع الغطاء عن أعيننا، ولنكن صرحاء مع أنفسنا، كفانا نكبات، وكفانا كوارث، وكفانا نكسات، وكفانا تلمس النصر في ثنايا البشر من دون الله، كفانا كوننا عن كتاب الله بعيدين، وعن سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- حائدين، ولنعُد إلى الحق المبين، فاسمعوا إليه يوم يقول:
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) .




ألا فاتقوا الله حق تقواه، يا عباد الله، واعلموا أن من أسباب النجاة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومن أسباب السقوط والهلاك: السكوت عن المنكرات، قال تعالى:
(وأَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُوءِ)
ألا فاعلموا: أن من أعظم خصائص أمتنا: أنها تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وأن علماءها يغضبون إذا انتُهكت محارم الله، ودعاتها يشتاطون غيظًا وغضبًا لانتهاك حدود الله، فهي المأمورة بقوله:
(وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
ألا فلتكن طائفة تقف على حدود الله؛ ترعى المجتمع، تنظر لأحوال الأمة، لا تسمح للجريمة، غَضِبَ مَنْ غضب، ورَضِيَ مَنْ رضي، ليكن منكم علماء ودعاة يقفون أمام الشرور والمنكرات، يؤدون رسالة الله، ليرحمنا الله- عز وجل- (أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) ويوم يترك الأمر بالمعروف، فلنعلم أننا نحارب الله، ولنعلم أن غضب الله قد طوَّقنا، وأن سخط الله قد قرب منا، فإن تمادَتْ بنا الأهواء والخور؛ فهي العقوبة لا تُبقي ولا تذر.




ما نتيجة أن يقر الناس على الجريمة، ويسكت على الفاحشة، ويقدم العاصي، ويؤخر المؤمن المرضي الراضي، ما نتيجة ترك الصلوات؟ وتعاطي المخدرات؟ والركون إلى الذين ظلموا؟ وسماع الأغاني الماجنات؟ والجري وراء الشهوات؟ والمجاهرة بكل هذه المنكرات؟
ما نتيجة الرضا بكل هذه المنكرات؟ وما نتيجة السكوت على هذه المنكرات؟
إن نتيجة ذلك ومعناه سوف تختل الأمور، ويغضب الله وملائكته، معناه أن البركة نزعت؛ لأننا سمعنا ورأينا وفسدنا، فما حرَّكنا ساكنًا، وإلا لماذا كنا خير أمة أخرجت للناس؟، كنا كذلك بالأمر والنهي؛ نأمر بالمعروف بالمعروف، وننهى عن المنكر بالمعروف، وإلا فان العذاب والسوء ينتظرنا.
 في الأثر أن الله- جل وعلا- أوحى إلى جبريل -عليه السلام-: أن اقلب مدينة " سبأ " على من فيها. -وجبريل كما تعلمون أعطاه الله قوة هائلة، يقتلع الجبال والوديان والثغور والأشجار والأحجار، له ستمائة جناح- بجناح واحد حمل أربع قرى، ورفعها إلى السماء حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم، ثم رماهم، فجعل العالي سافلا، أرسله الله إلى هذه المدينة ليقلبها على من فيها، فقال: يا رب إن فيها عبدَك فلانًا، لم يعصِك طرفة عين، قال الله: فبه فابدأ؛ لأنه لم يتمعَّر وجهه فيَّ قط.
 لا إله إلا الله، يصلي ولم يعصِ الله طرفة عين، لكنه يرى المنكر فلا يغار، ويسكت عليه، فنزل جبريل، فأخذه بطرف جناح من معبده، فجعله في أول موكب المعذبين .
(وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)
( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) لم لعنوا؟
(ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )
جميع الحقوق محفوظة © 2013 آماني الروح