أخلاقنا الإسلامية العظيمة
المـــروءة والشهامة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أحمد الله وأستعينه واستغفره وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .
إن المروءة ليس يدركها امرؤٌ ورث المكـارم عن أبٍ فأضاعها
أمرته نفسٌ بالـدناءة والخنا ونهته عن سُبُل العـلا فأطاعهـا
فإذا أصاب من المكارم خُلَّةً يبني الكريمُ بهـا المكــارم باعها .
ويقول آخر :
مررتُ على المروءةِ وهي تبـكي فقلتُ : عَلامَ تنتـحبُ الفتاة ؟
فقالت : كيف لا أبـكي وأهلي جمـيعاً دون خَـلق الله مـاتوا
المروءة والشهامة من الخصال الأصيلة يوجد أغلبها فى الرجال وبعضها فى النساء .
ذلك لأن المروءة فى بعض الأحيان تستلزم نوعاً من القوة والشجاعة .
ولكن ما هى نوعية أهل المروءة والشهامة ؟؟ وكيف نعرفهم ؟؟
إنها المروءة والشهامة التى جعلت سعيد بن العاص رضى الله عنه يقول لأبنائه عندما كان يحتضر " يا بَنِيَّ، لا تفقدوا إخواني مني عندكم عين وجهي، أَجْرُوا عليهم ما كنتُ أُجْرِي، واصنعوا بهم ما كنت أصنع، ولا تُلْجِئُوهم للطلب؛ فإن الرجل إذا طلب الحاجة اضطربت أركانه، وارتعدت فرائصه، وَكَلَّ لسانه، وبدا الكلام في وجهه، اكفوهم مئونة الطلب بالعطية قبل المسألة؛ فإني لا أجد لوجه الرجل يأتي يتقلقل على فراشه ذاكرًا موضعًا لحاجته فعدا بها عليكم لا أرى قضى حاجته عوضًا من بذل وجهه، فبادروهم بقضاء حوائجهم قبل أن يسبقوكم إليها بالمسألة "
فهل رأيتم مروءة كهذه بين البشر من هذا الصنف النادر بعد مروءات وشهامات الأنبياء والرسل ؟؟
تحضره الوفاة ويتذكر كرامة الإنسان المحتاج وقضاء حاجته قبل السؤال .
يا الله يا لها من أخلاق كريمة .
وقد كان الناس فى وقت ليس بالبعيد يتمتعوا بالمروءة والشهامة فتجد الجار الذى يتصدى لأى أحد يضايق جارته فى الطريق ويحافظ عليها تماماً كأخته .
وكنا نرى التطوع والمبادرة لمساعدة عابر الطريق وصاحب الحمل الثقيل .
كنا نشاهد وقوف الصغير عند مرور الأكبر سناً إحتراماً وتوقيراً وتأدباً .
ولا أقول بأن هذه المظاهر إختفت تماماً ولكنها قلت كثيراً عن ذى قبل .
وقد قيل أن المروءة كمال الرجولة والشهامة كمال الإنسانية .
والقصة التالية يرويها عن نفسه بن ميمون من أصحاب المروءات :
حججت على أيام الخليفة العبّاسي هارون الرشيد فرأيت في الحجّ امرأة تبكي بكاءً مُرّاً، فاقتربت منها، فسمعتها تقول: أيا عمرو فيم تجنبتني سكبت دموعي وعذّبتني فلو كنت ياعمرو أخبرتني أخذت حذاري فما نلتني قال: فقلت لها: من عمرو هذا ياأمة الله؟ ففزعت عندما فوجئت بوجودي فقلت لها: لاتخافي، إنّما أنا عبدٌ من عباد الله، لعلّي أكون في حاجتك فمن عمرو؟ قالت: عمرو هذا هو زوجي، وقد تبعني قبل الزواج، وامتنعت عنه واحتال على الزواج منّي كلّ حيلة، حتى شاء الله وتزوجته، ولكنه هجرني. قلت: أهجرك لموجدةٍ أو نفور؟ قالت: لاوالله ، بل لشدة حبّ .. فقد ضاق بنا العيش، وأشفق عليّ .. فذهب يلتمس عملاً ، قد يكون فيه سعة لي وله .. قلت: وأين هو؟ قالت: في (جدّة) يعمل في البحر. قلت: سأجمع بينكما إن شاء الله، فصفيه لي .. قالت: لاتهزأ بي ياعبد الله .. قلت: إنّني فاعل إن شاء الله، ولن يخيّب الله مسعاي، قالت: هو أحسن من تراه، طلقٌ محياه، مليئةٌ بالحبِّ عيناه، وليس في القلب سواه. قال ابراهيم: ركبت وذهبت إلى جدّة ... وناديت عند المكان الذي حددته، ياعمرو .. ياعمرو.. فخرج إليّ رجل ما ارتبت لحظةً في أنه هو .. ولما اقترب منّي، أنشدته ماسمعت من زوجته .. فعانقني وقال: إنما أنت رسولها .. قلتُ: نعم .. فهل تعود معي إليها؟ .. قال: والله إنّ هذا لأحبُّ شيء إلى نفسي، لكنّي أسعى إلى السعة .. قلت: كم يكفيك لمعاشك في العام؟ قال : ثلاثمائة دينار.. قلت: فهذه ثلاثة آلاف لعشر سنين، فإذا نفدت أو أوشكت فأرسل إليّ بمن يحمل إليك غيرها.. يقول الراوي: وأعدته إلى زوجته، ولم يكن أحدٌ أسعد منه بذلك إلاّ أنا .
إن الحياة بدون مروءة وشهامة حياة ينقصها رونقها وبريقها الذى يضفى عليها البهجة والسعادة لأن الإنسان يسعد عندما تمتد إليه يد اخرى تساعده دون طلب وتعاونه دون من أو اذى .
الحياة تحتاج اليوم قبل أى زمن مضى إلى مروءة حقيقية حيث كثرت الفتن وإنتشر القتل والكذب .
الحياة تحتاج إلى الشهامة لكى تكتمل المعانى الإنسانية السامية التى حث عليها ديننا العظيم وحتى قبل ظهور الإسلام .
كما حدث فى عهد سيدنا موسى عليه السلام عندما غلبت عليه شهامته ومروءته وساعد إبنتى سيدنا شعيب فى الحصول على الماء ولم ينتظر جزاءاً ولا أجراً .
ولكن المكافأة جاءته بأن تزوج إحداهما .
هيا بنا نعيد إلى الحياة أحلى ما فيها من أخلاق .
تأدب غير مُتكِلٍ على حسبٍ ولا نسبِ
فإن مروءة الرجل الشـريف بصالح الأدب
أقوال فى المـــروءة والشهامة
من القرآن الكريم
(وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)
القصص 40
من السنة المطهرة
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس ، وأجود الناس ، وأشجع الناس ، قال : وقد فزع أهل المدينة ليلة ، سمعوا صوتا ، قال : فتلقاهم النبي صلى الله عليه وسلم على فرس لأبي طلحة عري ، وهو متلقد سيفه ، فقال : ( لم تراعوا لم تراعوا ) . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وجدته بحرا ) . يعني الفرس "
الراوي:أنس بن مالك المحدث:البخاري - المصدر:صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم:3040 خلاصة حكم المحدث: صحيح
السلف الصالح
وعن أسلم، مولى عمر قال: (خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي وترك صبية صغارا، والله ما ينضجون كراعا، ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت أن تأكلهم الضبع، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم. فوقف معها عمر ولم يمض، ثم قال: مرحبا بنسب قريب، ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدار، فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما، وحمل بينهما نفقة وثيابا، ثم ناولها بخطامه، ثم قال: اقتاديه، فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها؟ قال عمر: ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها، قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه، ثم أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه "
" للسفر مروءة، وللحضر مروءة، فأمام مروءة السفر: فبذل الزاد، وقلَّة الخلاف على الأصحاب، وكثرة المزاح في غير مساخط الله. وأما المروءة في الحضر: فالإدمان إلى المساجد، وتلاوة القرآن، وكثرة الإخوان في الله عز وجل "
ربيعة بن أبي عبد الرحمن
" وقيل لسفيان بن عيينة: قد استنبطت من القرآن كلَّ شيء، فأين المروءة فيه؟ فقال: في قوله تعالى: ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ). ففيه المروءة، وحُسن الأدب، ومكارم الأخلاق، فجمع في قوله: (خُذِ الْعَفْوَ) صلة القاطعين، والعفو عن المذنبين، والرفق بالمؤمنين، وغير ذلك من أخلاق المطيعين. ودخل في قوله: (وأْمُرْ بالعُرفِ): صلة الأرحام، وتقوى الله في الحلال والحرام، وغضُّ الأبصار، والاستعداد لدار القرار. ودخل في قوله: (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ): الحض على التخلُّق بالحلم، والإعراض عن أهل الظلم، والتنزُّه عن منازعة السفهاء، ومساواة الجهَلة والأغبياء، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة، والأفعال الرشيدة"
" تعامَل الناسُ بالدِّين زمانًا طويلاً، حتى ذهب الدينُ، ثم تعاشروا بالمروءة حتى ذهبت المروءة، ثم تعاشروا بالحياء، ثم تعاشروا بالرغبة والرهبة، وأظنُّه سيأتي بعد ذلك ما هو شرٌّ منه "
الشعبى
أختكم فى الله
.