نفحــــــة يوم الجمعة







۩ نفحــــــة يوم الجمعة ۩



 






 




إن كثيراً من الناس أصبح يصبر على تحمل المشاقِّ في طلب الدنيا ولا يصبر على أدنى مشقة في طاعة الله، ونراهم يغضبون إذا انتُقص شيء من دنياهم ولا يغضبون إذا انتُقص شيء من دينهم، وكثير من الناس - لشدة حبه للدنيا – لا يقنع بما أباح الله له من المكاسب، فتجده يتعامل بالمعاملات المحرمة والمكاسب الخبيثة؛ من الربا والرشوة والغش في البيع والشراء، بل يفجر في خصومته، أو يقيم شهادة الزور ليستولي على مال غيره بغير حق، وهو يسمع قول الله تعالى:


{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا....}،


وقوله تعالى:


{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ....}،


 وقوله تعالى:




 {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثمناً قليلاً.....}!!


 لقد استولى حب الدنيا على القلوب فآثرتها على الآخرة، فبعضهم شغلته الدنيا عن الصلاة، وإذا صلى فقد لا يصليها مع الجماعة، أو قد يؤخرها عن وقتها، وحتى في أثناء صلاته تجد قلبه منصرفاً عن صلاته إلى الدنيا يفكر فيها ويعد أمواله ويتفقد حساباته ويتذكر ما نسي من معاملاته، وكثير من الناس حملهم حب الدنيا وإيثارها على الآخرة على البخل والشح بالنفقات الواجبة والمستحبة حتى بخل بالزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام.


 


عباد الله: حلال هذه الدنيا حساب، وحرامها عقاب، ومصيرها إلى الخراب، ولا يركن إليها إلا من فقد الرشد والصواب، فكم من ذهاب بلا إياب، وكم من حبيب قد فارق الأحباب، وترك الأهل والأصحاب، إنها رحلات متتابعة إلى الدار الآخرة لا تفتر، يذهب فيها أفراد وجماعات، وآباء وأمهات، وملوك ومماليك، وأغنياء وصعاليك، ومؤمنون وكفار، وأبرار وفجار كلهم سيودِّعون هذه الحياة، وينتقلون إلى الآخرة، ويُودَعون في قبور مظلمة ينتظرون البعث والنشور.


فيا عباد الله، كيف آثرنا هذه الحياة على ما عند الله؟ كيف شغلتنا أموالنا وأولادنا عن ذكر الله؟


أيها الإنسان، مهما عشت وجمعت فإنك ميت راحل، وما في يديك زائل، ولا يبقى لك إلا عملُك، إنك خرجت إلى الدنيا من بطن أمك ليس معك شيء، وستخرج منها إلى القبر ليس معك منها إلا ما عملت


{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ۖ }،


إنك مررت بالدنيا في طريقك إلى الآخرة، وأتيحت لك الفرصة لتأخذ منها زاداً لسفرك، فأنت بمنزلة المسافر الذي هبط إلى السوق ليأخذ منه زاداً يبلغه في سفره ومسيره، فليس لك من هذه الدنيا إلا ما تزودت به للآخرة،


 { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }


جعلني الله وإياكم ممن إذا ذُكِّر تذكَّر، وإذا أذنب استغفر، وآخر دعوانا


أن الحمد لله رب العالمين.


 





جميع الحقوق محفوظة © 2013 آماني الروح