نفحــــــة يوم الجمعة







۩ نفحــــــة يوم الجمعة ۩







 


قال الفضيل بن عياض:


"الناس ما داموا في عافية مستورون، فإذا نزل بهم بلاءٌ، صاروا إلى حقائقهم، فصار المؤمنُ إلى إيمانه، وصار المنافق إلى نفاقه".


 


أيعقل بعد كلِّ هذه اللطائف الربانية والرحمة التي تعمُّنا ونحن في غمرة الاختبار  أن ندعَ الفُرصةَ تفوتنا بالإصغاء إلى وسوسةٍ تبغي هلاكَنا، وتسعى لكي نهوي في دركات الجحيم، بينما هناك حياة لا تشبهها، حياة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر, غمسة فيها تُنسِي المؤمنَ كلَّ بؤس رآه في حياته الدُّنيوية، كما قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث :


 عن أنس بن مالك قال: "يقول عليه الصلاة والسلام -:







( يُؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يومَ القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابنَ آدم، هل رأيت خيرًا قط؟ هل مَرَّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويُؤتى بأشدِّ الناس بؤسًا في الدنيا من أهلِ الجنَّة، فيصبغ صبغةً في الجنة، فيقال له: يا ابنَ آدم، هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مَرَّ بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مرَّ بي بؤس قط، ولا رأيت شدةً قط )


رواه مسلم.


الجنة تلك الكلمة التي من أجلِها ضَحَّى الأوائل بالغالي والنفيس، وهم يتطلعون بشوق إليها، ومن حبهم لرضا الله وحنينهم إليها، كانوا يشعرون بها حقيقةً تحركهم وتَجذِبهم إليها بإذن الله  تعالى .


آمنوا بالله ثم بما وعدهم، فترسخ ذلك في كلِّ ذرة من كيانهم، حتى لكأن الغيب توارت حجبه، فانجلت لهم الجنة بنعيمها الخالد.


أرأيت كيف انجلى هذا الغمُّ بذكر الله، ثم بالشوق إلى لقائه وإلى جناته؟!


لا ضيرَ إن تألم بدنك، وتجرعت الغصص، فما هي إلاَّ لحظات تَمضي وتنقضي مدة الاختبار، أوقاتٌ فقط من الألَم تتخللها رحماتٌ وعناية ربَّانية، ترسم على الوجه الحزين ابتساماتٍ، وتزرعُ في أعماق الرُّوح سكينةً وطمأنينة وهدوءًا، سلسبيل من المعاني الحلوة ارتويتُ منه حدَّ الامتلاء، والحديث الشريف يوضِّح ذلك:


 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -:


( عظَم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًاابتلاهم، فمن رَضِيَ فله الرضا، ومن سخط فله السخط )


 




 


فاصبر لكل مصيبةٍ وتجلّد.... واعلم بأن المرء غير مخلّدِ


واصبر كما صبر الكرام فإنها.... نوبٌ تنوب اليوم تكشف في غدِ


أو ما ترى أن المصائب جمة ؟.... وترى المنية للعباد بمرصدِ


من لم يُصب ممن ترى بمصيبةٍ ؟ .... هذا سبيلٌ لست عنه بأوحدِ


فإذا ذكرت مصيبةً ومصابها .... فاذكر مصابك بالنبي محمدِ





جميع الحقوق محفوظة © 2013 آماني الروح