۩ نفحــــــة يوم الجمعة ۩
إن هذا العيد العظيم جاء ليحطم أغلال الأحزان - أحزان الضمير وأحزان الواقع - أحزان الفرد وأحزان الأمة - جاء ليطلق للبهجة والسرور العنان، في ظلال شريعة الرحمن..
جاء هذا العيد ليقول للعالمين كما تفرحون بدنياكم فإن أمة محمد صل الله عليه وسلم تفرح بدينها وهداية ربها لها، وفرحها به غير ما تفرحون بدنياكم، ويرجون منه غير ما ترجون..
العيد ثورة على الأحزان في عالم الضمير وعالم الواقع :- ما دامت هذه الأمة تنعم بهداية الله تعالى في التصورات والسلوك في الاعتقاد وفي العمل تنعم بهداية الله تعالى في الحياة كلها بكل جوانبها، تعرف أين تضع قدمها !
تعرف الحلال من الحرام والحق من الباطل..
الأحزان كابوس ضخم وغل قاس، عميق الجذور في مسارب الشعور الإنساني، وما يزال البشر يعانون من الأحزان وأسبابها التي تقطع عنهم الأفراح وتنزل بقلوبهم الأتراح، وتجرح نفوسهم بالقِرَاح، إلاَّ أنَّ هذا العيد يتحدى كل الأحزان ما كان إسلام وإيمان، لأن المؤمن ما بقي إيمانه فقد حاز أعظم النعم وحُلِّلَ بأفضل الحُلَلِ، ولأن المسلم ما أصبح على دين ربه وهدايته لا يضره أحزان الدنيا وأتراحها، قال تعالى:
﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾،
ومن لم يع هذا المبدأ فإنَّه سيقتل من نفسه بهجة العيد الحقة..
هذا العيد تَغَلَّب على الأحزان وثار عليها، فالله تعالى لم يجعل العيد مشروطاً بحال من حالات الأمة، فلم يقيده بحال العز دون الذل أو الغنى دون الفقر أو القوة دون الضعف، وغيرها من حالات البهجة والفرحة والسرور، ولم يمنعه عنها إذا أصابها ضر وهزيمة وقتل بل جعله الله تعالى مشروطاً بتمام شهر الصيام وختام رمضان، ومن هنا كانت قوة هذا العيد أنه فرحة بالدين فرحة بالهداية.. لأنها أجل نعمة وأما أحوال الدنيا فهي دائمة التقلب، دائمة التحول والتغير، وهي ابتلاء وامتحان أما العبادة.. أما الهداية فهي محضة نعمة، محضة منة، لذا من أقام في نفسه الدين فهو أحق الناس بالفرح، ولذا تخرج الأمة دائماً إلى هذا العيد وهي في زينتها وبهجتها وتكبيرها مهما أحاطها من الآلام والأحزان حتى ولو كانت تحوم فوق ديارها البارجات والطائرات والراجمات، وحين نستغرق في أحوالنا من عز وذل وغنى وفقر فإننا سنفقد الفرحة الإيمانية بهذا العيد.



