القنـاعة / 54



أخلاقنا الإسلامية العظيمة
القنـاعة


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أحمد الله وأستعينه واستغفره وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .
يقول الشاعر :
هـي القنـاعة لا تـرضى بهــا بـدلا
فيهــا النعيـم وفيهــا راحـة البـدنِ
انظـر لمـن ملــك الدنيـا بأجمـعـها
هـل راح منها بغيــر القطـن والكفـنِ
ويقول آخر :


اقنع من الدهر ما أتاك بـه
من قر عيناً بعيشه نفـعـه
قد يجمع المال غير آكـلـه
ويأكل المال غير من جمعه
وكانت جدتى رحمها الله تقول فى المثل الشعبى
" طمعنجى بنى له بيت فلسنجى سكن له فيه "


ومعنى المثل أن الطماع بنى منزلاً رغبة فى المال الكثير الوفير وقد يكون قد رفض أن يسكن فيه إلا صاحب مال وفير فرزقه الله عز وجل ساكناً مفلساً .
وكم واجهنا نحن فى الحياة العادية هذه الأمور وكم مرة خاطبنا أنفسنا بقول :
" الطمع يقل ما جمع "
ندماً على شىء خسرناه نتيجة عدم القناعة والطمع فى الزيادة .
وما أروع القصة القديمة الشهيرة التى فيها يبرز نهاية الطمع وعدم القناعة حيث " يحكى أن ثلاثة رجال ساروا في طريق فعثروا على كنز، واتفقوا على تقسيمه بينهم بالتساوي، وقبل أن يقوموا بذلك أحسوا بالجوع الشديد، فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليحضر لهم طعامًا، وتواصوا بالكتمان، حتى لا يطمع فيه غيرهم، وفي أثناء ذهاب الرجل لإحضار الطعام حدثته نفسه بالتخلص من صاحبيه، وينفرد هو بالكنز وحده، فاشترى سماً ووضعه في الطعام، وفي الوقت نفسه، اتفق صاحباه على قتله عند عودته؛ ليقتسما الكنز فيما بينهما فقط، ولما عاد الرجل بالطعام المسموم قتله صاحباه، ثم جلسا يأكلان الطعام؛ فماتا من أثر السم "
فهم جميعاً لم يحمدوا الله ولم يقنعوا فيما رزقهم وطمع كل واحد فيما عند الآخر .
والإنسان القنوع يحبه الناس بل ويكرمونه على عكس من يطمع فى الناس ويظل طوال الوقت حاسداً حاقداً على ما فى إيدى الناس .


وقد كان الصحابة الكرام رضى الله عنهم وارضاهم مثالاً عظيماً فى القناعة
وقد علمهم من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم على أخلاقيات الإسلام ويتضح ذلك فى هذا الموقف العظيم من خلال الحديث الشريف :-
 " أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ، ثم قال لي : ( يا حكيم ، إن هذا المال خضر حلو ، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه ، وكان كالذي يأكل ولا يشبع ، واليد العليا خير من اليد السفلى ) . قال حكيم : فقلت : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ، لا أرزأ أحدا بعدك شيئا ، حتى أفارق الدنيا . فكان أبو بكر يدعو حكيما ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئا ، ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبله ، فقال يا معشر المسلمين ، إني أعرض عليه حقه الذي قسم الله له من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه . فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفي رحمه الله "


لقد علمه نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم القناعة والتعفف فالتزم بها حتى توفى رحمه الله .
فالقناعة جزء من الرضا لأن من رضى بما قسم الله له وما قدره عليه لقنع بما عنده وأبى إلا ان يتعفف .
وانت عندما يكرمك شخص ما لحاجة أو ظرف تمر به فلا تتمادى فى طلب المعونة وتطمع فى كرم من اكرمك ولا تقنع بما بذل إليك فى لحظات حاجتك وعوزك " لأن من أخذه بغير حقه كان كمن يأكل فلا يشبع " كما جاء فى الحديث الشريف .
القناعة سلوك يجب غرسه فى الطفل منذ صغره ويتربى عليه ليحيا كريماً بين أقرانه صغيراً كان أو كبيراً ويتعود أن يقنع بما يحضره له أبواه دون جشع أو طمع أو طلب المزيد .
والزوجة وما أدراكم ما الزوجة يجب أن تتحلى ايضاً بالقناعة ولا نكلف زوجها ما لا يطيق وأن ترضى بما قسم الله لها .
إن القناعة زينة الكرام والطمع من شيم اللئام فإن أحببت أن تكون لئيماً فكن ولكن استعد لنفور الناس وكراهيتهم لك .
وإن أحببت ان تكون كريماً فكن تجد الخير والبركة وحب الناس وإقبالهم عليك
وكن كما قال الشافعى رضى الله عنه :
رأيت القناعة رأس الغنىِ  فصرت بأذيالها متمسـك
فلا ذا يراني علـى بابـه  ولا ذا يراني به منهمـك
فصرت غنياً بـلا درهـمٍ أمر على الناس شبه الملك


أقوال فى القناعة


من القرآن الكريم


( إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
النور 32
   
من السنة المطهرة


" نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقد أثر في جنبه فقلنا يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاء فقال ما لي وما للدنيا ، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ، ثم راح وتركها "
الراوي:عبدالله المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الترمذي- الصفحة أو الرقم:2377 خلاصة حكم المحدث:صحيح


السلف الصالح


لمَّا رأيت النَّاس قد أصبحوا  وهمَّة الإنسان ما يجمـع
قنعت بالقوت فنلت المنـى  والفاضل العاقل من يقنع
ولم أنافس في طلاب الغنى علماً بأنَّ الحرص لا ينفع
أبي عبد الله الصُّوري


" سرور الدنيا أن تقنع بما رُزِقْتَ، وغمها أن تغتم لما لم ترزق "
أحد الحكماء




العبيد ثلاثة: عبد رِقّ، وعبد شهوة، وعبد طمع
أحد الحكماء


لله درّ القنوع من خلق! كم من وضيع به ارتفعا؟!
يضيق الفتى بحاجته  ومن تأسى بدونه اتسعا
عبد الله بن المبارك




" يا بني: إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة، فإنها مال لا ينفد؛ وإياك والطمع فإنه فقر حاضر؛ وعليك باليأس، فإنك لم تيأس من شيء قط
إلا أغناك الله عنه "
سعد بن أبي وقاص




" الفقه الأكبر القناعة وكف اللسان"
عمر بن عبد العزيز
" من أكثر مواهب الله لعباده وأعظمها خطراً القناعة وليس شيء أروح للبدن من الرضا بالقضاء والثقة بالقسم ولو لم يكن في القناعة خصلة تحمد إلا الراحة وعدم الدخول في مواضع السوء لطلب الفضل لكان الواجب على العاقل ألا يفارق القناعة على حالة من الأحوال "
أبو حاتم
" الفقراء كلهم أموات إلا من أحياه الله تعالى بعز القناعة والرضا بفقره "
أحد السلف


 أختكم فى الله


.


جميع الحقوق محفوظة © 2013 آماني الروح