۩ نفحة يوم الجمعة ۩
مما قرأت
كيف وأنت مسلِمٌ؛ مطلوب منك الخِلافة في الأرض واستعمارها، أن تَمْنعَ الظُّلم وأنت لم تَذُقْه، وأن ترفَعَ الحرمان وأنت لا تَعرِفه، وأن تمنع الخوفَ وأنت لم تُجرِّب رجفاتِ القَلْب الخائف المضطر؟! وكيف لك قوَّةُ القلب والروح لتنصرَ الضعيف وأنت أبدًا لم تستشعرْ معنَى الذِّلة والهوان؟! إنَّ مَن لا يدرك الشيء لا يطلبه ولا يُدافِع عنه.
لذا؛ كان العلاج أنْ نفهمَ الحِكمة خلْفَ النِّعمة والبلاء على حدٍّ سواء، وكيف نفهمها؟ بطَرْق السبيل الصحيح لفهمها أوَّلاً، فإذا ما ابتليتَ فاصبرْ، وإذا ما ابتُليت فاستغفرْ، وإذا ما ابتُليتَ بنِعمة أو بعكسها فأكْرِمِ اليتيم وأطعمِ المسكين ولو مِن قليل، فربُّك وربُّه الله؛ عساه يُجنِّبك حبَّ المال وورث الدنيا جميعًا:
﴿ كَلَّا بَلْ لاَ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾
[الفجر: 17 - 20].
هذه آفاتُكم، فإذا تخلصتُم منها خَلِصتُم للحِكمة مِن الابتلاء، ونجيتُم بأنفسكم قبل أن تُدكَّ الأرض دكًّا دكًّا، فمَن أعرض عن كلِّ هذه الآيات، ورسَب في كلِّ هذه الاختبارات، فهو ذاك المستكبِر المفتون الآبق، الذي يحتاج شدَّ الوثاق والألَم بالفَزَع الأكبر.